سمرقند
سمرقند، مدينة القلاع، مدينة العلماء والشعراء، هنا يرقد الأمير تيمور وزوجته، وهنا يرقد أيضاً الإمام البخاري، الإمام الذي نستند عليه في جميع أحاديث المصطفى صلى الله عليه وسلم. ثاني أكبر مدينة بعد طشقند، جميلة بمعالمها وتفاصيلها، أناسها طيبون، مدينة ينبغي عليك زيارتها فور وصولك إلى أوزباكستان.
ركبت القطار في باكر وبارد متوجه من طشقند إلى سمرقند، قطار سوفييتي قديم وعتيق، قدمواً لنا الشاي، رافقني في المقصورة شاب صيني يتحدث القليل من اللغة الإنجليزية، استغليت وجوده محاولاً ممارسة بعضاً من المفردات الصينية التي تعلمتها.
كانت المسافة من طشقند إلى سمرقند حوالي ثلاث ساعات ونصف، نمت بأغلبها، وصولت في فترة الظهيرة، الجو هنا أكثر برودة من طشقند، توجهت إلى للشباب اسمه (أمير هوستيل) استقبلتني إمرأة اسمها عزيزة، تحلم هذه الإمرأة وزوجها كثيراً بزيارة مكة المكرمة، كانت دهشتها وسعادتها لا توصف عندما رأت شاباً حضر من أرض الحرمين يقف أمامها.
توجهت فور وصولي إلى أطيب مطعم يمكنني من خلاله تناول أرز البلوف (بلو) وهو أكثر ما اشتقت اليه الآن بعد عودتي إلى بلادي، إنه طيب المذاق يشعرك بالشبع والراحة، بالإضافة لرخص تكلفته، هو ما يجب عليك تناوله في هذه الأجواء الباردة.
سرت اكتشف ما حولي من معالم، مررت بجانب أهم معلم في المدينة "ريجيستان" وهي ثلاث مدارس اسلامية تحيط بساحة كبيرة منذ الدولة التيمورية، وهو أهم معلم بالنسبة لي في سمرقند.
وبجوار مدارس ريجستان يوجد تمثال للرئيس الأوزبكي السابق إسلام كريموف.
مررت أثناء تجولي بحدائق متنوعة تنتهي بميدان للأمير تيمور، وهو يعني الكثير لسكان سمرقند، وهو مدفون على مقربة من الميدان المسمى باسمه.
صرت في صباح اليوم التالي إلى ضريح الأمير تيمور، يقع وسط مبنى مزين بقبة زرقاء ضخمة وجميلة.
خرجت بعدها لمبنى مجاور لضريح الأمير تيمور، إنه ضريح زوجته خانم، هذه المنطقة بمجملها مليئة بأضرحة لشخصيات لها أدوار عظيمة في آسيا الوسطى وأوزباكستان تحديداً.
تجولت في العديد من المرافق والمباني، سرت إلى السوق الشعبي، تحدثت مع الكثير، قضيت وقتاً طويلاً بين أزقة هذه المدينة التاريخية.
سرت بعد ذلك إلى منطقة تبعد حوالي نصف ساعة خارج مدينة سمرقند، حيث يرقد الإمام البخاري، مررنا خلالها على مزارع القطن وهو ما تشتهر به البلاد.
يقع ضريح الإمام البخاري وسط حديقة كبيرة، يوجد بداخلها أيضاً مسجد ومتحف، أما عن قبره فهو موجود أيضاً تحت قبة زرقاء جميلة، مزينة بأعمدة علهيا آيات من القران الكريم.
رأيت بداخل المتحف نسخ متنوعة من القران الكريم طُبعت في مجمع الملك فهد بالمدينة المنورة، كما رأيت نسخة قديمة من كسوة الكعبة أهُديت من المملكة في عام ١٩٩٢م، بالإضافة لعدة نسخ من القران الكريم مهداه من دول الخليج والعالم العربي.
زرت بعد ذلك مصنع السجاد الذي يقع في منطقة قريبة من وسط المدينة، يعمل في المصنع مجموعة فتيات لمدة تترواح من سبعة أشهر إلى سنة وأكثر لصنع سجادة واحدة يدوياً، التقيت بأحد المسؤولات في المصنع والتي سبق لها زيارة مكة المكرمة للعمرة في هذا العام.
زرت بعدها ضريح غريب طويل جداً يقال بأنه لأحد الأنبياء ولا نعلم عن مدى صحة هذه المعلومة.
صحوت في اليوم التالي على انغام للإحتفالات، إنه يوم سمرقند، يوم اجازة رسمي في الممدينة، يخرج الجميع للإحتفال، شاركت الجميع الإحتفال في هذا اليوم مجبراً، كان الإحتفال بجوار ميدان الأمير تيمور، فهو أهم موقع ينبغي الإحتفال به، يوجد معروضات عن الثقافة الأوزبكية بشكل عام، الفواكه التي تشتهر بها الدولة، كالرمان والعنب وغيره، والخبز، الخبز العظيم الذي يحتوي احترام وتقدير خاص لدى الأوزبكيين، بالإضافة للمأكولات المحلية، كالمنتو والسمبوسة وحلوى الباخلافا.
التقيت ببعض طلاب كلية اللغة العربية الذين يدرسون في جامعة قريبة من موقع الإحتفال، دعوني لزيارة بعض من حصص اللغة العربية في الثالثة عصراً، ذهبت بلا تردد، زرت بضعة فصول دراسية، يدرسون اللغة العربية بأربعة مستويات، ابتدائية ومتوسطة ومتقدمة، ويدرسونها باللغة الأوزبكية، الإنجليزية، أو الروسية، قضيت في بعض الفصول وقتاً طويلاً متحدثاً عن بلادي المملكة وعن الثقافة العربية، وعن أسباب زيارتي لأزوباكستان الحبيبة.
وفي المساء كان هناك احتفالاً امام ميدان ريجستان الذي تحول لشاشة عرض جميلة جداً، تحكي قصص البلاد منذ بداية طريق الحرير وحتى اليوم.