أرمينيا، مزارع القهوة
القهوة الكولومبية
القهوة، أو كما تسمى بـ(الخمر الحلال) الشراب الذي يتفق جميع سكان دول العالم على أهميته، ليجعلنا نستهلك حوالي ٢.٥ مليار كوب قهوة يومياً، دول عديدة ممن تقع على الحزام الذهبي (خط الإستواء) تعتمد القهوة كأحد مصادر الدخل الرئيسية للبلاد، فضلاً عن كون القهوة ثاني أهم تجارة في العالم بعد النفط.
تزرع حبوب القهوة (بكل أنواعها الأرابيكا والروبوستا) في دول عدة منها اليمن في الشرق الأوسط (سابقاً) إندنوسيا، أثيوبيا، كينيا، البرازيل، كولومبيا، جواتيمالا، باناما، كوستاريكا وغيرها من الدول الواقعة والقريبة على خط الحزام الذهبي، تختلف القهوة بإختلاف طبيعتها التي تزرع بها، من حيث الحموضة والمرارة والنكهة والتحميص وغيره، خلال رحلتي اللاتينية الأولى كان لي فرصة زيارة دولة كولومبيا، مما يعني فرصة كبيرة جداً لزيارة مزارع القهوة هناك، وتحديداً، في أرمينيا، سيغطي هذا التقرير بعض من مزارع القهوة التي زرتها بالإضافة إلى شرح مبسط لدورة حياة القهوة.
وصلت إلى مطار أرمينيا (عاصمة مقاطعة كوينديو) مساء يوم الأثنين الموافق ٢٧ أغسطس ٢٠١٥ الأشجار الكثيفة كانت هي كل ما أراه خلال طريقي للفندق، لا توجد مواصلات عامة تصلك إلى كل مكان تريده بسهولة، أفضل ما تستطيع فعله خلال إقامتك في أرمينيا هو إستئجار سيارة بسائقها الخاص للتجول بين مزارعها المتباعدة.
بدأت أولى جولاتي في صباح اليوم التالي بالذهاب إلى مزارع تدعى (ريكوكا) وهي مزارع تقليدية تعكس الأسلوب الكولومبي المرح، ما يعيب هذه المزرعة هو ندرة وجود من يتحدث اللغة الإنجليزية أثناء الجولة، بدأت الجولة برفقة أحد المرشدين، والذي كان يتحدث اللغة الإسبانية طيلة الجولة، شارحاً لي طرق زراعة القهوة بداية بأنواع التربة، مروراً بالفرز والتجفيف، وإنتهاءاً بالحمص والطحن ومن ثم الإستمتاع بكوب لذيذ.
أثناء تجولنا بوسط المزارع، ناولني الرجل وعاء صغير ربطته حول خصري ومن ثم قمنا بعدها بقطف بذور البن الحمراء، كانت الجولة تحتوي على وجبة غداء كولومبية، بعد نهاية الجولة، والتي إستمرت ثلاث ساعات ونص، ذهبنا إلى صالة الطعام وقدموا لي طعاماً غريباً، لحماً مجففاً و أرز، قطعة من الموز حالي المذاق، بالإضافة إلى أصناف أخرى لا أعلم ما هي، كل ما أردت معرفته حينها والتأكد منه، هو التأكد من عدم إحتواء هذه المأكولات على منتجات لحم الخنزير والمنتجات الكحولية، تناولت أكثر من نصف الطعام بشراهة وإستغراب من غرابة المذاق، كان الجوع كفيلاً بعدم التفكير والنظر لما هو أمامي.
ذهبت بعد ذلك وفي نفس اليوم، إلى مزرعة أخرى تدعى (كومبيا) من وجهة نظرٍ شخصية، إن كنت لا تملك وقتاً طويلاً في كولومبيا، وكنت تنوي زيارة مزارع القهوة وأخذ الإستفادة القصوة خلال تواجدك، إذهب مباشرة إلى مزارع كومبيا، فستتعلم في تلك المزارع ما يكفي عن القهوة وأكثر من ذلك، بالإضافة إلى وجود فندق مميز ذو إطلالة رائعة في نفس المزرعة، وصلت إلى المزرعة وأخذني شاب كولومبي مرح يتحدث اللغة الإنجليزية بطلاقة، أكثر ما يعجبني في الشعب الكولومبي هو مرحهم الدائم وإبتسامتهم العريضة التي تراها على وجوه الجميع حتى صغارهم، رأيت فيهم حبهم للمساعدة الضحك والمرح الدائم، بدأت الجولة بتعلم كيفية تذوق عدة أنواع من القهوة وتمييز النوع الجيد والسيء منها، كنت أتذوق القهوة بإستخدام الملعقة وليس بالشرب من الكوب مباشرة، أستطعت التمييز بين عدة نكهات مختلفة
عادة ما تتأثر القهوة بالمنطقة المحيطة بها، فالمزارع المنتشرة في أرمينيا تتأثر كثيراً بأشجار الحمضيات فضلاً عن المزارع المنتشرة في جواتيمالا و كوستاريكا، بعد تذوق عدة أنواع من القهوة وتمييزها، رأيت كيفية إستخدام المزارعون أشجار البامبو في صناعة المنتجات الصغيرة، ذهبنا بعدها في جولة طويلة جداً بوسط المزارع، كانت هذه الجولة أفضل بكثير من مزارع ريكوكا، أفضل الشهور لحصاد القهوة في كولومبيا ببذورها الحمراء في كل من الأشهر: مارس، أكتوبر، وستبمبر من كل عام، قطفت بعض من البذور الحمراء، أزلت القشر الأحمر لأرى قطعتين من البن الأبيض الخام داخل كل بذرة، تحيط بالبذور البيضاء غشاء شفاف لزج الملمس حلو المذاق، طلب مني المرافق تذوق البن وإمتصاص الغشاء الخارجي والتلذذ بحلاوته، فعلت ما قاله لي تماماً، إلا أنني رغبت بأكل بذرة البن بأكملها، إستمرت الجولة حوالي أربع ساعات رأيت فيها جميع ما يمكنني رؤيته عن القهوة، تناولت بعدها كوباً لذيذاً من القهوة، عدت للفندق للراحة والصلاة ومن ثم تناول وجبة العشاء، وهذا هو الحال في معظم المزارع التي زرتها في كولومبيا