شتاء السويد
لطالما تكررت كلمة السويد، في ذهني ومخيلتي كثيرًا، خصوصا بعد زيارتي لدولة فنلندا، أولى الدول الاسكندنافية في شتاء عام 2018 ومرة أخرى في خريف عام 2021 الامر الذي جعلني أرغب وببعض الحماس، بمعرفة ومقارنة الدول الاسكندنافية، في فصل الشتاء حيث البرد الشديد، ومرة أخرى في احدى فصول السنة، لرؤية وتجربة ماهية الحياة في زمان ومكان آخر، هنا بدأت فكرة السويد، الاخت الجارة لفنلندا.
السويد
نحو الشمال
الطريق من محطة القطار التابعة للمطار، إلى وسط العاصمة ستوكهولم
السويد كما تبدو من الاعلى
قبل الهبوط في العاصمة ستوكهولم بدقائق
الدول المستثناة
والتي يسمح لها بدخول السويد حسب وقت زيارتي لها في تاريخ 12 فبراير 2022م، حسب الموقع الرسمي للحكومة السويدية
مغلقة أمام السياح
كان رحلتي للسويد في شهر فبراير من العام 2022 في تلك الفترة، كانت الدول الأوروبية والدول الإسكندنافية متفاوتة في اجراءاتها الصحية، كانت السويد مغلقة بالكامل أمام السياح من جميع دول العالم إلا ما يستثنى، كانت من بين تلك الدول: السعودية والبحرين والامارات العربية وقطر والكويت وتايوان وهونج كونج وتشيلي وكولومبيا، بمجموع 16 دولة فقط من خارج دول الاتحاد الاوروبي، لذا، فإن انتشار السياح في السويد كان محدودا للغاية
أما عن اجراءات الكمامات، فقد تم الاستغناء عن ارتداء الكمامات بالكامل قبل 48 ساعة فقط من وصولي إلى السويد، لذا، فقد كانت الحياة طبيعية بالكامل داخل حدود البلاد
ستوكهولم
لا أريد القول بأنني رأيت ستوكهولم العاصمة، فمجمل ما قضيته في هذه المدينة هو 18 ساعة فقط، 6 ساعات فور وصولي السويد، و12 ساعة قبل مغادرتي منها، فما رأيته في هذه السويعات القليلة لا يكفي بأن أحكم عنها وعن ما بها.
عند وصولي الاولي كانت المدينة خالية تماما، وبشكل غريب جدًا، جميع المحلات مغلقة، والهدوء يخيم على المدينة، الاجواء باردة، وأشعة الشمس تكسو المدينة، كانت جولتي عشوائية دون أي هدف، كوني سأغادرها بعد ساعات نحو الشمال.
فور عودتي من الشمال رأيت المدينة يكسوها الثلج، والحياة تضج بها، رأيتها مختلفة تماما عن أول يوم زرت بها المدينة، لاحظت كثرة المتاحف في ستوكهولم، نهر المدينة كان متجمدًا، يبدو لي أن ستوكهولم مدينة يجدر علي العودة مرة أخرى وفهمها جيدًا.
نحو الشمال
فور وصولي للعاصمة ستوكهولم، لم أشأ المبيت بها، ركبت القطار من العاصمة متوجهاً الشمال، في رحلة استمرت 16 ساعة تغيرت تفاصيل المدينة بشكل جذري، حيث البرودة الشديدة، والثلج الذي يملئ المكان، وهو ما كنت أبحث عنه











الفندق الثلجي
هل جربت أن تسكن في فندق مبني بالكامل من الثلج؟
الفندق الثلجي
حرصت أن يصادف وصولي إلى السويد أن يكون بتاريخ يوم ميلادي، وهو سبب استعجالي بعدم الارتياح في العاصمة، والتوجه مباشرة نحو الشمال، إلى الفندق الثلجي الواقع بالقرب من مدينة كورونا. تخيل معي، أن تغادر من عملك في مدينة الرياض في الخامسة عصرًا، متوجها مباشرة إلى المطار، لتقلع إلى دبي، الامارات العربية المتحدة، وتقلع منها مرة اخرى في الصباح، متوجها إلى ستوكهولم، لترتاح بها 6 ساعات، قبل أن تبيت في القطار متوجها الى الشمال، وفي الليلة السابقة كان المبيت في المطار، وقبلها كنت أؤدي مهام عملي في الرياض، كل هذا كي أنام ليلتي الأولي التي تصادف تاريخ ميلادي في فندق مبني من الثلج
والاجمل من هذا كله، أن تأسيس هذا الفندق الثلجي كان في نفس السنة التي ولدت بها، كانت الليلة الاولى في غرفة متجمدة، صحوت الصباح وكان يوم مليئ بالثلوج، جولة قيادة العربات التي تجرها كلاب الهاسكي المتحمسة، تعرفت على بعض الاصدقاء، وفي المساء، كانت الجولة الليلية في وسط احدى الغابات، ختمت ذلك اليوم الجميل برؤية الشفق القطبي، كانت ليلة رائعة جدًا لن أنساها ما حييت
اضغط على الصورة لرؤيتها بشكل أكبر وأوضح
لم تكن هذه المرة الأولى التي أسكن بها في فندق ثلجي، جربت السكن في هذه الانواع من الفنادق في فنلندا قبل أربعة أعوام، لذا فقد كنت معتادا على بعض التفاصيل الثلجية الباردة. درجة الحرارة داخل الفندق الثلجي 5 درجات تحت الصفر، وهي ثابتة دائمًا، وهو ما يجعل الجو داخل الفندق الثلجي أدفئ بكثير من الخارج، يوجد في هذا الفندق الثلج في السويد، العديد من غرف النوم ذات التصاميم الثلجية الجميلة، بالاضافة لوجود مقهى ثلجي، ومتحف كذلك.
لقراءة مدونة فندق فنلندا الثلجي اضغط هنا
كيرونا
وهي واحدة من المدن الرئيسية الشمالية الهامة في السويد، تعتبر مدينة كيرونا منطقة مركزية لكل من يريد التنقل في شمال السويد، فضلا عن وجود أحد أكبر مناجم الحديد في العالم، الأمر الذي جعل من مدينة كيرونا مدينة ذات أهمية عالية جدًا، وبسبب أهمية المدينة المتمثلة بأعمال مناجم الحديد، تم تغيير موقع محطة سكك القطار الحديدية قبل بضعة أعوام، أما الان، فقد تقرر نقل موقع المدينة بالكامل، بسبب التوسع في أعمال المناجم.
أبيسكو
محمية وطنية، متجمدة، أتخيل جمال هذا المكان في فصل الربيع أو الخريف
أبيسكو
وهي على مسافة بضعة كيلومترات من الحدود النرويجية، تعتبر أبيسكو عبارة عن محمية وطنية شاسعة المساحة، تتشارك في مساحتها بين السويد والنرويج، وهي موقع مثالي جدًا ومركز هام لرؤية وتتبع الشبق القطبي.
مايعيب تلك المنطقة هو تكاليف السكن الباهظة، والتي فاقت توقعاتي شخصيًا. تستطيع في تلك المحمية التجول بين الوديان وممارسة رياضة المشي بجانب البحيرة والنهر أيضًا، أتخيل بأن هذا المكان سيكون جميلاً في فصل الربيع أو الخريف
الطريقة الوحيدة لتبريد المنتجات
هي وضعها بالخارج
الجو بارد في الخارج
كل ما في الأمر، هو كيفية المحافظة على درجة حرارة الجسم
درجة الحرارة
كان معدل درجة الحرارة في شمال السويد قرابة 26 درجة مئوية تحت الصفر، وهو أمر قد اعتدت عليه أنا شخصيًا ومن رحلة سابقة، تتمثل فكرة التكيف مع درجة حرارة منخفضة بالمحافظة على درجة حرارة الجسم، وذلك بارتداء ملابس داخلية ذات خصائص معينة تساعد على المحافظة على درجة حرارة الجسم، كتبت عن هذا في مدونة مفصلة تستطيع قراءتها هنا (كيف تستعد لشتاء فنلندا)
قطار العودة من الشمال إلى العاصمة ستوكهولم
غرفة مبيت صغيرة، ولكنها مناسبة تفي بالغرض
المعجنات السويدية
أمر لا يمكنني نسيانه، لذيذة بحق
الجامع الكبير في ستوكهولم
أصدقاء
قمت بالإعلان عن رحلتي إلى السويد في أحد برامج المخصصة للسفر والتعرف على الاصدقاء، تفاجئت حقيقة بكثرة الدعوات من السكان السويديين المواطنين واللاجئين، وعن رغبتهم في اللقاء بي والسكن معهم، الأمر الذي جعلني لا أستطيع تلبية جميع دعواتهم، ترك هذا الأمر انطباع مبدأي جميل جدًا، فليس هناك أجمل من اللقاء بالسكان المحليين والجلوس بصحبتهم
أمور لاحظتها في السويد
قطارهم لا يسير على وقته
ركبت قطارات كثيرة حول العالم، جميع القطارات التي ركبتها تتفق في التزامها التام في موعد المغادرة، وموعد الوصول، وهو ماجعلني استنكر وباستغرب شديد عندما تأخر القطار دقيقة واحدة عن موعد مغادرته للمدينة، فضلا عن وصوله لمدينة كيرونا بعد ساعة من الوقت المجدول، الأمر الذي جعلني أتوتر وأظن بأن هناك فارقًا في توقيت المدينة. كذلك في وقت العودة من الشمال إلى ستوكهولم، تأخر القطار ساعة أيضًا، وتأخرت بذلك عن اجتماعي الذي كنت أنوي القيام به فور وصولي إلى ستوكهولم. إن كنت تريد التنقل بواسطة القطار، ضع بعين الاعتبار بأنك قد لا تصل على وقتك.
منفتحين، ومتحفظين
لاحظت بأن شعب السويد أكثر تفتحًا على الغرباء وعلى العالم الآخر مقارنة بشعب فنلندا، وصفت الفنلنديين في رحلاتي السابقة بالهادئين والباردين، وقد تعجبت قليلا عندما وصفت لي إحدى النساء السويديات، عندما وصفت الفنلنديين بنفس الصفة قائلة: إنهم هادؤون جدًا. لم أجد هذا الهدوء في السويد، استطعت في خلال أيام قليلة التعرف على الكثير من السكان المحليين، والحديث معهم، رأيت ابتسامتهم المستمرة طيلة فترة لقائي بهم، مختلف الاعمار، ومن مختلف المدن، كانوا لطيفين، ولكن، لمست فيهم تحفظهم الشديد عند حديثهم، وحذرهم الشديد أحيانا، قد تجد الشخصية السويدية منفتحة في حديثها أمامك، لكنها تفضل وضع مساحة بسيطة بينك وبينها!
الكثير من المهاجرين
في ساعاتي الأولى في العاصمة ستوكهولم، رأيت الكثير من المهاجرين العرب في المدينة، سمعت اللهجة السورية والعراقية، وفي المسجد، رأيت أناس من أفريقيا ومن الهند، يمكنك ملاحظة كثرة المهاجرين في ستوكهولم أكثر من هلسنكي، وحسب آخر احصائية قرأتها، بأن هناك حوالي 2 مليون مهاجر في السويد، وهو ما يمثل حوالي 20٪ من سكان البلاد. حاولت معرفة مدى تقبل السكان المحليين بالأمر، كانوا جميعهم محايدين ومتحفظين في اجاباتهم، إلا الآنسة مارغريتا ذو 52 عامًا، خفضت من مستوى تحفظها قائلة: "يا إلهي، إنهم كثيرون للغاية، من العراق وكوردستان، ومن سوريا، إنهم كثيرون جدًا، اذهب إلى أي متجر في العاصمة، أظمن أنك ستستمتع للغة العربية وبوضوح، يا إلهي!" يبدو أن الآنسة مارغريتا لم تتقبل وجود اللاجئون الذين اجبروا على مغادرة بلادهم بالعيش في السويد، وهو ما داعني محاولة التخفيف عليها قائلا: "يعيش في بلادنا المملكة العربية السعودية، الكثير من الجنسيات، من العالم العربي والعالم الغربي، والشرقي كذلك، بمجموع يصل إلى 10 ملايين نسمة، من دول وأديان مختلفة، نتعلم منهم، ويتعلمون منا، ونساعد جميعًا بعضنا البعض في بناء نهضة البلاد، والأهم من ذلك كله، أننا جميعًا نلتزم بالقانون.
“فيكا، عادة سويدية حسنة جدًا، تقتضي بشرب القهوة وتناول قطعة من المعجنات المحلية، إن قال لك أحدهم: دعنا نذهب في جلسة فيكا، فاعلم بأن يومك سيكون جميل للغاية.”