الحياة البرية في محمية البانتنال - البرازيل
كانت وجهتي بعد الانتهاء من زيارة ريو دي جانيرو هي الذهاب إلى محمية تدعى “بانتنال” وهي واحدة من أكبر المناطق الرطبة الاستوائية في العالم، تحتوي البانتنال على كل ما يخطر ببالك من مخلوقات حية، بداية بالطيور، الزواحف، وإنتهاءا بالحيوانات الخطرة كثعبان الاناكوندا وغيره، تنتطق كلمة بانتنال باللغة البرتغالية (بانتناو) ولأن البرازيل هي أكبر دولة في أمريكا اللاتينية، فمن الطبيعي أن يقع الجزء الأكبر من هذه المحمية في البرازيل، بينما تمتلك كل من دولتي بوليفيا والباراغواي على أجزاء بسيطة من البانتنال.
لا يوجد خط سير مباشر من ريو دي جانيرو إلى البانتنال، فقد توجب علي التوقف في مدينة ساو باولو لمدة قصيرة، ومن ثم الاستمرار إلى (كيوبا) أقرب مدينة للبانتنال، كانت هذه أول رحلة طيران داخل أمريكا اللاتينية، ركبت طائرة صغيرة من طراز 800-B737 التابعة لخطوط طيران تدعى طيران جول (GOL) وهي خطوط طيران اقتصادية متواضعة جدا قد أشبهها بطيران ناس بالمملكة العربية السعودية، هنالك ثلاث خطوط طيران مهمة في البرازيل، طيران جول، طيران أچول (AZUL) وخطوط تام للطيران (TAM) كعاشق ومهتم للطيران والطائرات استطعت ركوب تسع خطوط طيران مختلفة في هذه الرحلة، كانت خطوط جول أولها، تملك شركة جول للطيران شبكة موسعة تكاد تكون الأكثر انتشارا في البرازيل، على الرغم من خدماتها المحدودة، الا أن أسعار تذاكرها مناسبة، فضلا عن رحلاتها المتوفرة بكثرة بعكس خطوط الطيران الأخرى.
وصلت إلى مطار مدينة كيوبا في تمام الثالثة عصرا، كان سايئق الفندق بانتظاري في المطار، بعد خروجي من المطار، ذهبت إلى مكتب مجاور تابع للفندق نتظار مسافرين اخرين قادما من شمال البرازيل، تبعد المحمية حوالي ثلاث ساعات عن مدينة كيوبا، كما توجد بعض الفنادق داخل المحمية التي اخترت أحدهم للسكن بها، عادة ما تقوم جميع الفنادق بالمحمية بمهمة ايصالك من وإلى المطار نظرا لبعد المسافة، وصل بقية المسافرين ومن ثم بدأنا السفر إلى وسط البانتنال، كان سكني في البانتنال في فندق يدعى Pousada Araras Pantanal Eco Lodge قضيت به ثلاث ليالي شاملة جميع الأنشطة ووجبات الإفطار، الغداء والعشاء بتكلفة تقدر بحوالي ثلاثة الاف ريل برازيلي، وهو سعر منطقي جدا إن وضعنا بعين الاعتبار اقامتك بوسط محمية طبيعية شاملة التنقلات وجميع الأنشطة والوجبات.
كان الجزء الأخير من الطريق غير معبد، بعد حوالي ثلاث ساعات ونصف من الطرق المتنوعة والمناظر المختلفة، غربت الشمس ووصلنا إلى مقر السكن، كانت الساعة قد تجاوزت السابعة مساءا، استقبلتنا سيدة في غاية اللطف والمرح، طلبت منا تعبئة بعض النماذج الرسمية وهو أمر روتيني في جميع فنادق البرازيل، كان الأمر غريبا لي بعض الشيء، فهذا أول فندق اسكن به في هذه الرحلة، اشتملت النماذج الورقية على بعض الأسئلة الروتينية من رقم جواز وعناوين وغيره، بالإضافة إلى أرقام للإتصال في الحالات الطارئة، فمن الممكن حدوث غير المتوقع هنا، كما كانت هناك أسألة تخص الأنشطة التي سنقوم بها طيلة فترة بقاؤنا هنا.
استيقظت صباح اليوم التالي، الرابع عشر من شهر يوليو ٢٠١٥ الساعة الخامسة والنصف فجرا، حمدا لله بأنني معتاد على الإستيقاظ مبكرا، أتسائل عما ينامون حتى التاسعة أو العاشرة صباحا، هل سيتقبلون فكرة الإستيقاظ مبكرا بوقت كهذا خصوصا أثناء اجازاتهم؟! كانت فترة الإفطار بالفترة ما بين السادسة إلى السابعة صباحا، بعد ذلك يذهب جميع نزلاء الفندق لخوض الأنشطة والتعرف على مناطق المحمية.
كانت الجولة الأولى، برفقة برونو، السيد ا لماني رولف، وأنا، بالمشي وسط الغابات لمدة امتدت إلى أربعة ساعات تعرفنا خ لها عن أنواع النباتات والأشجار المختلفة بالمحمية، كما راينا العديد من الحيوانات المختلفة كالقرود والأبقار والعديد العديد من الطيور الجميلة ذات الألوان الزاهية، فهناك طائر البويرو الأسود، طائر البلشون ذو الألوان الرمادية، والعديد من الطيور الأخرى المنتشرة في البانتنال، لتنتهي الجولة في تمام الحادي عشر صباحا منهكين متعبين خصوصا مع اجواء المكان الحارة، عدنا بعدها إلى الفندق للراحة ومن ثم الغداء.
ارتحنا بعد الغداء قلي وأخذت جولة حول الفندق متأم ببغاء المكاو الأزرق ذو الفصيلة النادرة والمهدد بالإنقراض، يمتلك الفندق أثنان من ببغاء المكاو الأزرق، استغرق الأمر، سنتان ليجعلوا هذا الطائر يستقر هنا، فقد توجب عليهم بناء الأشجار التي اعتاد الأمر الوقوف عليها في وسط الفندق حتى يستطيع البقاء، أثناء تصويري لهذا الببغاء، رأني السيد برونو وقال لي أن قيمة هذا الببغاء تبلغ عشرون ألف دولار أمريكي للببغاء الواحد (حوالي ٧٥ ألف ريال سعودي) حقا انه نادر! كان هناك وجبات خفيفة قبل الرابعة عصرا تلى ذلك جولة في منطقة كبيرة مليئة بالببغاوات، لنقوم بعد ذلك بجولة تجديف (الكاياك) حتى غروب الشمس.
اليوم الثالث كان شبيها لليوم الثاني، باالإضافة أننا رأينا المزيد من القردة هذه المرة، صعدنا برج عالي لرؤية البانتنال من الأعلى، رأينا العديد من التماسيح أيضا، في المساء كانت هناك جولة بالخيول استمرت الساعتان أصيب فيها برونو جراء غضب الخيل الذي كان يركبه نتيجة جرح تعرض له الخيل أثناء سيره.
ثلاثة أيام كانت جميلة ورائعة في البانتنال، نلت فيها شرف التعرف على العديد من الأصدقاء بمختلف الأعمار، كان كل الزائرون كبار في العمر، كنت أنا الشاب الوحيد في المكان مما أتاح لي فرصة الإستفادة من نصائح وخبرات الكثير، خصوصا بإختلافف الثقافات في تلك الفترة، وبالطبع، لم أنسي الكتابة على سجل الزوار، وباللغة العربية.