أمريكا اللاتينية

جمهورية الدومينيكان

جمهورية الدومينيكان، أحد جزر الأنتيل الكبرى في البحر الكاريبي، وثاني أكبر جزيرة بعد جمهورية كوبا، بمساحة تقارب الخمسون ألفاً كم٢. يتحدثون اللغة الإسبانية كلغة رسمية في البلاد، وذلك إثر الإستعمار الإسباني، عاصمتها سانتو دومينغو، تحتوي على أكبر تجمع سكاني في الجزيرة، فضلاً عن وجود المدينة القديمة، الواقعة في وسط المدينة، زونا كولونيال.

Dominicano-9.jpg

سانتو دومنيغو

العاصمة

التأشيرة

لا يوجد سفارة دومينيكية في المملكة العربية السعودية، إن رغبت زيارة الدومينيكان، ينبغي عليك التواصل مع سفارة الجمهورية بدولة  الإمارات العربية المتحدة، في العاصمة أبو ظبي عنوان السفارة على خرائط جوجل.

أما إن كنت تملك تأشيرة أمريكية سارية المفعول، وسبق لك زيارة الولايات المتحدة، أو تأشيرة دول الإتحاد الأوروبي "شنجن" وسبق لك أيضاً زيارة أي من دول الإتحاد الأوروبي، فيمكنك زيارة جمهورية الدومينيكان دون تأشيرة مسبقة.

طرق الوصول

أسهل طريقة للوصول إلى جمهورية الدومينيكان هو من خلال ولاية فلوريدا الأمريكية، هناك العديد من خطوط الطيران في الخليج العربي تسير رحلات مباشرة إلى أورلاندو وميامي وأيضاً مدينة فورت لودروديل.

فور وصولك إلى الولايات المتحدة هناك عدة خطوط تسير رحلات مباشرة إلى العاصمة سانتو دومينغو أشهرها (American، Spirit) مع العلم بأن هناك سبع مطارات أخرى تستطيع من خلالهم التنقل بين جزر البحر الكاريبي أو بين أمريكا الجنوبية وأمريكا الوسطى، كما يمكنك الوصول إلى العاصمة سانتو دومنيغو والمدن الساحلية الأخرى من خلال رحلات الكروز البحرية.

** لمزيد من المعلومات حول الرحلات الجوية والبحرية إلى جمهورية الدومينيكان الرجاء زيارة الرابط التالي 

http://www.godominicanrepublic.com/travel-to-dr/air-sea-travel/

أهم المدن

يوجد في جمهورية الدومينيكان أكثر من ثمانية مناطق هامة ومتنوعة، سأكتفي بذكر ثلاث منها في هذا التقرير

سانتو دومينغو

العاصمة ومركز المدينة، هنا يمكنك رؤية أكبر عدد من السكان الأصليين بعيداً عن السياح، آمنة في المناطق السياحية، وغير آمنة نسيباً في الأحياء الفقيرة، يوجد في سانتو دومينغو مطاران دوليان، كما يوجد بها المدينة القديمة، وهي أهم ما يمكنك رؤيته في العاصمة، فضلاً عن وجود بعض من المعالم السياحية الأخرى.

لارومانيا

وهي مدينة صغيرة المساحة مقارنة بسانتو دومنيغو، تقع على بعد ساعة واحدة شرق العاصمة، لم تعتبر المدينة معلماً هاماً، إلا أنني لم أرى بها ما يلفت إنتباهي كثيراً.

بونتا كانا

لا تكاد تسأل سائحاً أمريكياً عن الدومينيكان إلا ويقول لك أذهب إلى بونتاكانا، مدينة ساحلية ذو شواطئ رائعة جداً، تقع في شرق البلاد، مليئة بالسياح الأمريكان والروس وقليل من الأوروبيين، يسيطر عليها كثرة المنتجعات، الجميع يتحدث اللغة الإنجليزية هناك، إن كنت ترغب بسفر مترف للغاية، فاذهب إلى بونتا كانا.

ثروة البلاد

لدى جهورية الدومينيكان العديد من الثروات البحرية الطبيعية وعدة موانئ، فهي محطة مرور رئيسية للكثير من رحلات الكروز البحرية، فالسياحة هي أحد أهم ثروات الدولة، فضلاً عن وجود الكثير من مزارع الكاكاو مزارع القهوة. تعد بذور الكاكاو في جمهورية الدومينيكان أحد أجود الأنواع، فهم يصدرون الكثير منه إلى بلجيكا والولايات المتحدة والأرجنتين، إن ذهبت إلى جمهورية الدومينيكان فلا تعود دون تناول الكثير من الشوكولاته.

مشاهدات من جمهورية الدومينيكان | الجمعة: ١٧/٠٨/٢٠١٨م

IMG_4279.JPG

خرجت من فندق مدينة فورت لودروديل حيث أقيم متوجهاً إلى المطار الذي لم يكن يبعد سوى سبع دقائق فقط، أتممت الإجراءات اللازمة وجلست انتظر إلى موعد صعود الطائرة.

اقعلت الطائرة في تمام الثاني عشر وأربعون دقيقة ظهرة في رحلة استمرت ساعتين وعشر دقائق، كانت تلك المرة الأولى التي أطير بها عبر شركة Spirit الأمريكية، يقولون بأن هذا الناقل هو طيران إقتصادي، ولكني أرى عكس ذلك تماماً.

وصلت إلى سانتو دومنيغو العاصمة، مطار متواضع، كنت في الصفوف الأولية عندما خرجت من الطائرة، وصلت إلى دائرة الهجرة الذي كان خالياً من الموظفين، هنالك قسمين، قسم للمواطنين وقسم للسياح الأجانب، هممت بدور الذهاب إلى قسم الزوار الأجانب، إلا أن أحد الموظفين طلب مني الدخول مع المواطنين.

حضر الموظفون سريعاً، كانت تأشيرتي الأمريكية على جواز سفري القديم التي انتهت صلاحيته، اريتهم كلا الجوازين، جواز سفري الحديث، والتأشيرة في جوازي القديم، سألني الموظف عن عدد أيامي التي أنوي قضاؤها في جمهورية الدومينيكان، ختم على جوازي وذهبت إلى قسم استلام الحقائب.

اخذت حقيبتي وخرجت إلى الخارج، زحمة عشوائية، وجو حار قليلاً، والكثير من عروض الإيصال إلى وسط المدينة، تريثت كما اعتدت دائماً أن أفعل، عروض سيارات الأجرة تنهال علي من كل مكان، رأيت محل لشركة اتصالات يدعى كلارو، اعرف هذه الشركة جيداً، فقد استخدمتها في دولة البيرو وكولومبيا وعدة دول لاتيتينية أخرى.

أشتريت شريحة اتصال تحتوي على ٢٥ دقيقة مكالمة محلية، و٣ جيجا بايت من الإنترنت بمبلغ ٣٥ دولار أمريكي، أول ما لا حظته أنهم يستخدمون عملة الدولار الأمريكي والبيسو الدومينيكي جنباً إلى جنب، إن دل ذلك فقد يدل على تأثير الإقتصاد الأمريكي في هذه الدولة.

لم أكن أعلم أنه يوجد خدمة سيارات الأجرة المشتركة (أوبر) إلا عندما جربت حظي بعد أن أصبح لدي إتصال انترنت، رأيت الكثير من السيارات القريبة، اختارني أحدهم، راسلني فوراً، سألني إلى أين أريد الذهاب، وقال لي أنهم في هذه المدينة لديهم مشلكة في الدفع بواسطة بطاقة الإئتمان، رفضت ذلك، أخبرني بأن جميع سائقي أوبر سيقولون لي الكلام ذاته، قمت بإلغاء الطلب وطلبت سائقاً آخر، راسلني السائق الجديد وأخبرني نفس ما قاله لي السائق الأول، عندما حضر السائق سألني عن العنوان، وقال لي: ستدفع عشرون دولار أمريكي كي أوصلك إلى عنوان، نحن لدينا مشكلة من تطبيق أوبر هنا، إننا ننتظر طويلاً، وهم يأخذون مننا أموالاً كثيرة، وما يتبقى لنا لا يكفي مجهود إنتظارنا في أرض المطار، لذا اتفقنا جميعاً أن نعرض على الركاب سعر أعلى من سعر أوبر، وأرخص بكثير من سيارات أجرة المطار!

بيوت الشباب

بيوت الشباب

خرجت برفقة السائق خارج المطار متوجهاً إلى سانتو دومينغو، وتحديداً إلى المدينة القديمة، كان المظهر العام الذي كنت أنظر إليه يشبهني كثيراً بالعاصمة جواتيمالا سيتي، مضت نصف ساعة شرح لي السائق عن أفضل الأماكن التي ينبغي علي رؤيتها في سانتو دومينغو، هنا البنيان الحجرية، هنا الأزقة الضيقة، هنا المدينة القديمة، زونا كولونيال.

نزلت في بيوت للشباب يدعى Island life backpaker لم استغرب دهشة الموظف عندما رأى جواز سفري، أخذني إلى الغرفة التي تحتوي على ١٢ سرير كان معظمها خالياً، ارتحت قليلاً، هطلت السماء مطراً، انتظرت المطر يتوقف كي أخرج مسرعاً مستكشفاً الحي القديم.

كما هي حال أغلب الأحياء القديمة في أمريكا اللاتينية، نرى أثر البناء الأندلسي واضح جداً، الشعب هنا ودود ومرح، يحبون الموسيقى كثيراً، متعددي الأعراق، ومبدعون في موهبة الرسم، تغلب السمرة لون بشرتهم، وهو ماجعلهم يظنون أنني منهم، ولكن سرعان ما ينكشف أمري عندما يعلمون أنني لا أتحدث الإسبانية.

صحوت في اليوم التالي في السابعة صباحاً، خرجت إلى الساحة الرئيسية في الحي القديم، الحمام منتشر بكل مكان، هدوء تام يعكس ضجيج البارحة، لا يزال الجميع نيام، المطاعم التي تقدم وجبة الإفطار قليلة جداً، توقفت عند مطعم في زاوية الساحة يقدم طعام إفطار دومينيكي محلي.

كانت وجبة الإفطار عبارة عن بيض مخفوق، جبن مقلي، موز أخضر يتم عجنه بطريقة معينة، وقليل من البصل، تقبلت تناول كل شيء بالطبع، خصوصاً تناول عجين الموز الأخضر.

IMG_4349.JPG

تحركت بعدها لزيارة أهم معلم في الحي القديم، كاتدرائيه سانتا ماريا، وهي أول كاتدرائيه تم بناؤها في العالم الحديث بعد أكتشاف كولومبس لأمريكا اللاتينية، كانت هذه الكاتدرائيه ولا تزال معلم هاماً للكثير من السياحة، إلا أنها كانت بالنسبة لي معلماً للتوثيق فقط.

IMG_7142.JPG

خرجت بعد ذلك في جولة عشوائية قبل أن أتوقف مصادفة عند مصنع للسيجار، وهو ما رأيته بكثرة هنا، كانوا يصنعونه يدوياً ويتفنون في صنعه.

سرت بعد ذلك إلى منطقة تسمى الأطلال، وهي مجموعة من بقايا المباني القديمة جداً، والتي تعود إلى  أغلب تقدير لعام ١٥٠٠م، أي عمرها أكثر من خمسة قرون، جميع المباني التي وقفت أمامها معتقة برائحة الماضي، تملؤها أصوات الغراب الذي ينتظر على جدرانها بكثرة، هل المطر بشدة، جلست حسبياً وسط هذه المباني إلى أن توقف هطول المطر.

Dominicano-10.jpg

سرت بعد ذلك إلى أطراف الحي، حيث القلاع المطلة على نهر المدينة، وهي النقطة التي تتوقف بها رحلات الكروز القادمة من مختلف الجزر المجاور، هذه القلاع والصور المكلية أصبحت الآن مجرد متاحف تحتوي على الكثير من القطع والرموز الأثرية.

IMG_4363.JPG

عدت إلى مركز الحي للراحة قليلاً واستعداداً للغداء، أثناء تجولي لاحظت وجود كثيراً من نوع خفيف من الخشب الملون، يضعونه في أكياس ويبعونه، سألت أحدهم عن هذا الخشب، أخبروني بأنهم يستخدمونه كعلاج لآلام المعدة وأمراض الكلى وهو ينظف الجسم من السموم عموماً ويقي من الأمراض، يقومون بوضع هذه الأخشاب الصغيرة في زجاجة فارغة، يملؤونها بمشروب كحولي وماء، أخبرني البائع بأنه بإمكاني وضع الماء والعسل بدلاً من المشروب الكحولي، واشربه بعد يوم على الأقل من تنقيعه.

كانت وجبة الغداء محلية أيضاً، تحتوي على الأرز والحبوب والدجاج بالإضافة إلى السلطة، متكاملة القوام لذيذة الطعم.

بعد زيارة العديد من المعالم الآخرى ركبت سيارة الأجرة متوجهاً إلى المنارة، منارة كولومبوس، تختلف الأقوال ما إذا كان كولومبس مدفون هنا أم في إسبانيا، إلا أن ما استطعنا تأكيده هو أنه تم بناء هذا المبنى العظيم كتذكار علي اكتشاف الأمريكيتين، وهو عبارة عن متحف الآن، إلا أنه وبكل أسف شديد كان مغلقاً للترميم.

Dominicano-20.jpg

الحي الصيني، وهو أحد دلائل وجود صينيين منذ الحرب العالمية، توفي الكثير منهم وهاجر معظهم، يوجد قلة من القليل منهم، يعتبر هذا الحي الآن أحد الأحياء الفقيرة العشوائية المليئة بالمشاكل، قد تقل نسبة الأمان هنا كثيراً عن بقية الأحياء الأخرى.

IMG_4433.JPG

الذهاب إلى شواطئ بونتا كانا

لم أكن أعلم حتى ليلة البارحة كيث سأذهب إلى الساحل الشرقي للبلاد، إلى أن قررت استئجار سيارة في اليوم التالي، باستخدام التطبيق الخاص بشركة سكست، اختر سيارة اقتصادية وذهبت إليهم في الحادي عشر ظهراً، رأيت هناك شاباً تعود أصوله إلى فلسطين، لا يتحدث العربية، ولكن يتمنى أن يعمل في إحدى دول الخليج العربي.

كان هذا الشاب متعاون كثيراً معي، لم تكن السيارة الإقتصادية التي طلبتها متوفرة، عوضوني بسيارة أخرى أكبر حجماً، قالو بأنها في طريقها من المطار، قمت اتجول في المنطقة المجاورة، نزلت إلي محطة المترو، تنقلت بين المحطات بشكل عشوائي قبل أن أعود مرة لأجد سيارتي جاهزة بانتظاري.

IMG_4472.JPG

لم أعد أخشى قيادة السيارة في الدول التي لم أعتاد على القيادة بها، خصوصاً في الدول اللاتينية، منذ الدقائق الأولى اكتشفت الناس يقودون هنا، بطريقة مشابهة جداً لقيادة السيارات في السعودية، ست إلى مطعم مجاور كنت بعض قد بحثت عنه باستخدام تطبيق TripAdvisour كان يبعد مسافة خمسة دقائق فقط وتقييمه يثير شهيتك لتناول الطعام به، خصوصاً وإن كان يبيع البيتزا.

اشتريت البيتزا والمياه الغازية، المياه التي لم اعتاد على شربها إلا من السفر، وبدأت طريقي، إلى شاطئ قريب جداً من مطار المدينة، بوكا تشيكا.

كنت أسير على الطرف الجنوبي من الجزيرة، مياه زرقاء تثير فضولك، الطرق ممهدة بشكل جميل، بعكس الطرق الشمالية والتي بها الكثير من أعمال الصيانة، هذه الطرق ليست مجانية، فهناك رسوم تدفعها بين حينة وأخرى كما هو الحال في معظم الدول، توقفت عند شاطئ قريب من مطار العاصمة، شاطئ بوكا تشيكا، في يوم الأحد، يوم العطلة الأسبوعي، الكثير من الإزدحام، اوقفت سيارتي بين زحام السيارات ونزلت اتجول قليلاً على الرمل الأبيض قبل أن أواصل سيري إلى بونتاكانا.

كانت المسافة تبعد حوالي ساعتين مررت خلالها على أكثر من مدينة، منها كل من مدينتي سان بيدرو و لارومانا، ومن ثم أكملت طريقي إلى الساحل الشرقي.

منذ أن قررت السفر إلى جمهورية الدومينيكان، لم أكن أنوي فعل أي نوع من المشاق أو المتاعب، كنت قد قررت قبيل ذهابي أن تكون هذه الرحلة رحلة استجمام مليئة بالأنشطة البحرية، خصوصاً وبعد رحلتي الأخيرة والتي كانت في تركستان الشرقية، ولأنني أعلم بني مقبل على متاعب ترحال أخرى بعد شهر من الآن، إلا أنني لم أتمالك نفسي عندما رأيت الأحياء القديمة في سانتو دومنيغو، أستطيع القول الآن بأني وصلتي إلى الهدوء والراحة، في بونتا كانا.

منطقة مليئة بالمنتجعات، وهي بدورها مليئة بالأمريكان، لا يوجد أي شي ثقافي تعليمي هنا، الجميع يتحدث اللغة الإنجليزية، الكثير من اللهو والمرح، مساحات ضخمة جداً، كل شيء تجده حولك، لا حاجة لك بأن تخرج خارج المنتجع إلا لزيارة مزارع القهوة والكاكاو.

Dominicano-8.jpg

اخترت السكن في سلسلة منتجعات Barcelo، قد لا أكون الشخص المناسب لهذه الأماكن الضخمة الفارهة، فأنا شاب بسيط اعتدت النوم في غرفة جماعية في بيوت الشباب، حتى أنني لم أقم برؤية جميع مرافق هذا المنتجع الضخم.

كان حجزي بقيمة ٨٠٠ دولار أمريكي لمدة أربعة ليالي شاملاً جميع الوجبات الثلاثة، ألبسوني إسورة وردية اللون، تدخل على استخدام جميع المرافق وخدمات الطعام بشكل مجاني.

كنت أقضي معظم وقتي في رياضة الغوص وبشكل يومي، فهو أكثر ما أحب فعله، بل هو سبب زيارتي لهذه المنطقة تحديداً، خمسة أيام مضت سريعاً قبل أن أعود مرة أخرى إلى سانتو دومينغو العاصمة.