كازاخستان

ألماتي

كنت قد خططت في شهر رمضان من العام 1444 هـ الموافق شهر أبريل 2022 م لزيارة جمهورية كازاخستان، إلا أنه وبسبب تغير الاجراءات الصحية جراء فيروس كورونا في البلاد، ولإصابتي بفايروس كورونا في تلك الفترة، اضطررت لتغيير خطة زيارتي لكازاخستان، ولعلها خيرة فيما اختاره الله. ولكن كانت ومازالت النية لزيارة تلك الجمهورية، وتحديدا في الجزء الجنوبي التاريخي منها، فاهتمامي بطريق الحرير وبآسيا الوسطى اسباب كافية تجعلني أرغب وبشدة بزيارة كازاخستان، ولكن، في رحلة طويلة مفصلة، اتشرب منها ثقافة البلاد، تعامل شعبه، وطبيعته الجغرافية.

لم يأت هذا الوقت الذي أزور من خلاله جمهورية كازاخستان بعد، ولكن، وبسبب أنها في مخيلتي وعقلي الباطن، كانت هي احدى الخيارات الظاهرة أمامي عندما قررت السفر فجأة دون سابق انذار، خصوصا وانها لا تتطلب سمة دخول مسبقة للمسافرين مواطني من المملكة العربية السعودية.

في صباح يوم الثلاثاء 8 نوفمبر 2022 م وبينما كنت منهمك في عملي، وفي ضغوطات الحياة اليومية التي لا تنتهي، قررت وبشكل مفاجئ ترك كل شي والسفر، السفر بالنسبة لي هو الحل الأمثل للتفرغ ذهنيا، حيث أن بقائي بالمدينة مرتبط دائمًا بالمهام والإنشغالات.

ولكن، أين السفر؟ انها الثانية ظهرًا، ولا وجود لخطة واضحة، أرغب السفر وبشدة هذه الليلة، ولمدة أربعة أيام، استعنت بموقع طيران جوجل Google Flight اخترت بلد المغادرة "مدينة الرياض" أما عن الوجهة، فاخترت "إلى أي مكان" رغبة مني بالاستعانة بالذكاء الاصطناعي الذي سيحدد لي الأمثل والأفضل لي.

أمامي الآن خريطة العالم، موضح عليها المدن التي استطيع الوصول إليها بشكل مباشر أو غير مباشر، وسعر كل وجهة، هنا القاهرة، المنامة ودبي، موسكو، امستردام، ابتعدت تدريجيا، وصلت إلى باكستان، ثم آسيا الوسطى، وبالطبع، ذكرني عقلي الباطن بما كنت أرغب القيام به في شهر أبريل الماضي، ألماتي، رغبة ملحة وسعر مناسب، وبسم الله نبدأ.

غروب جميل

لم يكن يخيل لي بأنني شأشهد غروب هذا اليوم من نافذة الطائرة التي ركبتها دون أي تخطيط مسبق

توجهت فورًا من عملي إلى المطار، لا أحمل معي سوى معطف متواجد معي في سيارتي، وجواز سفري، كلها بضعة ساعات حتى وجدت نفسي في الخامسة فجرًا في مدينة ألماتي، كازاخستان.

ألماتي وطشقند وبشكيك، ثلاث وجهات على بوابات متجاورة، جميعها محببة إلى قلبي

درجة الحرارة 2 تحت الصفر، تستقبلني المدينة بهطول ثلج خفيف يزيد المدينة هدوء في ساعات الفجر، ويزيدها برودة وسكينة، وصلت إلى بيوت الشباب مع رغبة ملحة في نوم عميق وسط هذا البرد.

جبال بيضاء

قبيل وصول مدينة ألماتي بدقائق

ثلوج تهطل

في ساعات الفجر الأولى عند وصولي إلى مقر السكن

درجة الحرارة عند وصولي إلى مطار ألماتي الدولي

ثلاثة أيام بكاملها، قضيتها أتجول بين الميادين والحدائق، زرت بازار المدينة، والجامع الكبير، والمتحف الوطني، تجولت كذلك بين محطات المترو الحديثة، ورأيت أقدم كاتدرائية في ألماتي، وبالطبع، استمتعت بلذة الطعام في آسيا الوسطى، وأشجار الخريف الصفراء تتساقط بكثرة، أنها الأيام الأخيرة من شهر نوفمبر.

لمست في ألماتي أرث قديم نزعه السوفييت نزعا، مزيج ممل بين تاريخ عاصمة سابقة وبين حاضرة تتشبه كثيرا بروسيا، الفرد في هذه المدينة يعيش حداثة تتقدم على مثيلاتها من مدن آسيا الوسطى، كيف لا وقد وصلها ماكدونالدز وبرجر كنج وستاربكس! الأرصفة مرتبة، والشوارع الرئيسية والخطوط الدائرية المحيطة بالمدينة جعلتني أتيقن وبصورة واضحة أنها مدينة سياحية بحتة، تحاول التخلص من ماضيها بطريقة أو بأخرى، وبالطبع، فإن نمط المعيشة في ألماتي أغلى من جاراتها من مدن آسيا الوسطى، والحقيقة هي: أنه لم أجدني أتقبل ألماتي كثيرًا، وهو مجرد أنطباع مبدأي لزيارة أولي دون تخطيط، في نهايات الخريف وقبل الشتاء.